التبوريدة: فن، تاريخ، وٱحتفال
التبوريدة، أو الفنتازيا هي رياضة الفروسية المغربية مستوحاة من الصيد والحرب، إنها واحدة من التقاليد الرئيسية للمغرب ولها مهرجانات خاصة بها، يُعرف هذا الفن محليًا بـ “التبوريدة” لأنه يطلق فيها البارود. إذا كنت تحب الحصان ورومانسية الفروسية، فهذا المقال صمم لدعم شغفك!
مغرب الخيول والفرسان
إنه فن قديم للفروسية، تاريخه عريق في الزمن. إنه سلسلة من العروض العسكرية وفقًا للطقوس الأمازيغية القديمة.
موكب الفانتازيا المغربية يتكون من فرق تسمى “السربة”، مكونة من الفرسان والخيول، يتم اصطفافهم في خط مستقيم، في وسطهم يتم وضع زعيم السربة الذي يطلق عليه إسم” المقدم “. توارث المغاربة جيلا عن جيل فن التبوريدة وٱحتل مكانة هامة في مواسمهم الإحتفالية المختلفة. تُمارس التبوريدة في المهرجانات المحليةوالوطنية، ونظرا لتميزه على الصعيد العالمي فقد سجل سنة 2021 على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية. يضع فن الفانتازيا الحصان في قلب مشهد مثير للإعجاب. تعرف في الفقرة التالية عن هذا المخلوق المحبوب في المغرب!
الخيل الأمازيغي (البربري)
إنه أحد أقدم سلالات الخيول في العالم، وموطنه بلاد البربر كما سميت في المصادر التاريخية، ويسمى الحصان الأمازيغي ب”البارب”. يقول عنه المتخصصون بأنه هادئ ولطيف، متوازن وشجاع. له قدرة كبيرة على التحمل، والقيادة، ومتميز بروح الظهور. إنه خيل كستنائي في الغالب، بني، رمادي أو أسود. استخدم منذ فترة طويلة كحصان حربي، معترف به لصفاته الجيدة، ولأنه كان المفضل لدى الملوك والقادة في العالم فقد كان شديد الإنتقال إلى القارات، فكان له تأثير كرونوزومي على العديد من السلالات حول العالم.
إن الطقوس الأمازيغية للتبوريدا تتميز بأصالة أحزمة تزيينها وتقنيات الفروسية التي أشار إليها مؤرخون قدماء مثل الإغريق والرومان وما أورده المؤرخون العرب عن ٱندهاش الجيش العربي حينما رأوا لأول مرة الخيول البربرية المزينة والفرسان الذين كانوا منسجمين معها بشكل لافت. وأقدم مخطوط كتابي تحدث عن الخيل الأمازيغي هو للشاعر اللاتيني ماركوس أوريليوس أوليمبيوس نيميسيانوس المعروف بنيمسيان الذي عاش في القرن الثالث الميلادي، حيث في كتابه الشهير “Les Cynegétiques” (Cynegetica باللاتينية) وهي قصائد تعليمية عن فن الصيد، وصف قوة سباق الخيول المورية، يعني المغربية. لقد ذكر كلمة سباق مما يؤكد أنه كانت هناك عروض ترفيهية لدى الأمازيغ قديمة جدا وقاموا بمرور الزمن بتطوير تلك العروض عبر الفانتازيا الحالية.
ماهي مكانة الحصان في الثقافة المغربية؟
يرتبط الحصان ارتباطًا وثيقًا بتاريخ المغاربة الذين ينحدرون من الشعب الأمازيغي الذي ٱشتهرت خيولهم الأمازيغية لدى الشعوب القديمة. ولأنه لهذه الدرجة محبوب، فالمغاربة توارثوا الإعتناء بخيولهم، فللحصان مكانة مقدسة في قلوب المغاربة. لا غنى عنه في المناسبات والأعياد الدينية والوطنية، وأيضا في مناسبات الزواج والختان. يتم تزيين الحصان بالسروج الراقية، مزينة بخيوط الذهب والفضة، مصممة بزخارف عديدة مشبعة بكفاءة الحرفي التقليدي، الموزون والمرايا والخيوط الحريرية تزين الأحزمة مما يعطي للحصان مكانته اللائقة في قلب المغاربة.
يرتدي الفرسان ملابس بيضاء أو ملونة على أن يكون اللون نفسه عند جميع أعضاء السربة أو الفرقة. قائد الفرقة الملقب بالمقدم وحده يتميز بلون مختلف عن باقي فرسان فرقته. إن الإستعداد يكون على طول السنة، بالتداريب والرعاية الصحية للحصان، وحين يأتي الإحتفال يجتمع المغاربة من كل جهات المملكة، فيبدو المشهد رائعًا.
عودة الأمازونيات
إن التبوريدة المغربية نسائية أيضا، فهي ليست حكرا على الرجال. فقد تربت المرأة المغربية منذ الصغر على حب الحرية والنبل، وأكثر ما يجمع بين هذين القيمتين هو الخيل. لقد أحيت المرأة المغربية تقاليد الفارسات الأمازيغيات القديمات، فأعادت الأمازونيات إلى الوجود. إن الفانتازيا النسائية في المغرب تعرف تزايد العديد من المنخرطات في تداريب الفروسية واللواتي بصمن المهرجانات الوطنية ببصمة ٱستثنائية.
أين يمكن رؤية الفانتازيا المغربية؟
خلال الأعياد ومواسم الزوايا وتكريم الأولياء في المغرب، تحتفل كل منطقة بتنظيم حفلات تتضمن غالبا عروض فنتازيا أو التبوريدة. من المحتمل مصادفتها حول الرباط العاصمة، في مكناس، في الجديدة. إن كنت في المغرب يوم 30 يوليوز، يوم الإحتفال بالعرش الملكي، فمن المرجح جدا أن تتمتع بمشهد التبوريدة. لاتفوت هذه الفرصة، لن ترى فقط موكب التبوريدة، بل ستتمتع بالأزياء التقليدية الملونة، وستتذوق المطبخ المغرب التقليدي، ستشارك المغاربة أفراحهم الأكثر إثارة. إذا أردت التمتع بفن البندقية والحصان، الفقرة التالية ستساعدك.
أهم مواسم الفانتازياـ التبوريدة
نقدم لكم هذه التواريخ التي تنظم فيها مواسم التبوريدة:
ـ موسم مولاي عبد الله أمغار الذي يقام في غشت في قرية صغيرة على بعد 9 كلم غرب الجديدة، على ساحل المحيط الأطلسي.
ـ موسم تيسا، عند سفح الريف على بعد 45 كلم شمال فاس. في سبتمبر أقيم أيضا في يوليوز.
ـ موسم مولاي إدريس زرهون، بالقرب من مكناس في غشت.
ـ موسم رڭراڭة في جماعة حد درا بالقرب من الصويرة في الربيع.
ـ موسم مولاي بوسلهام، في يونيو.
هناك عروض محلية أخرى للتبوريدا في بلاد زمور بالقرب من الخميسات، في إفران، في نواحي الدارالبيضاء، لكن العرض الأكثر شهرة والتي ينتظرها المغاربة كل سنة، هي منافسة جائزة الفروسية الكبرى التي تقام في الرباط خلال أسبوع الخيل بين يونيو و يوليوز. والتي يتابعها المغاربة حضوريا وعبر النقل التلفزيوني المباشر.
هل أعجبك المقال؟ شاركنا رأيك وقم بالتسجيل ليصلك جديدنا